الاثنين، 29 يونيو 2015

العنوان الناجح بحسب أمبرتو إيكو



تحرير: بثينة العيسى
بسبب طبيعة اللغة التأويلية، ولأن الرواية نصٌ خصبٌ مولّدٌ للتأويلات التي تحاول تفسير العالم وفهمه، يعتقدُ إيكو بأن المسئولية التأويلية للنّص يجب أن تقع على عاتق القارئ وحده، من دون أي توجيه أو تدخل من المؤلف.

يقول إيكو:
السارد، في رأيي، ليس ملزمًا بتقديم تأويلاتٍ لعمله، وإلا لما كانت هناك حاجة لكتابة رواية، فالرواية هي بالأساس آلات مولّدة للتأويل”.

ولكن ماذا عن العنوان وطبيعته التوجيهية في تأويل النّص بناءً على رؤية مؤلفه؟ يقول إيكو:
“.. مع ذلك، فإن كل هذه الكلمات المعسولة تنتهي بنا إلى حاجزٍ لا يمكن تخطّيه: يجب أن يكون للرواية عنوانٌ ما. والحال أن العنوان – ونحن نتأسّف لذلك – هو أحد المفاتيح التأويلية. فنحن لا نستطيع أن نفلت من الإيحاءات التي تشير إليها عناوين مثل: الحرب والسلم، الأحمر والأسود”.

ويرى إيكو بأن الخلاص يكون بالعثور على عنوانٍ لا يوجّه القارئ إلى تأويلٍ معيّن، فيقول:
إن أكثر العناوين إثارة لاحترام القارئ هي تلك التي يتم تكثيفها في اسم دالٍ على البطل: ديفيد كوبرفيلد، أو روبنسون كروزو. وحتى في هذه الحالة، فإن الاسم / العنوان يمكن أن يؤوَّل على أنه تدخل مبالغٌ فيه من لدن المؤلف.”

على سبيل المثال، إذا اتخذنا رواية مارك توين “مغامرات توم سوير” كنموذج، يمكن القول بأن عنونة النص باسم أحد الشخصيات (توم سوير) فيه تهميش لشخصيات أخرى، مثل هلكبري فن، الذي خصص له مارك توين رواية أخرى. وهكذا.

وعليهِ فإن وصفة إيكو الناجحة لتجنّب توجيه القارئ إلى تأويلٍ بعينهِ، ومصادرة حقه في إنتاج تأويله الخاص للنّص، يكون بالعثور على “صورة رمزية مليئة بالدلالات لدرجة أنها تكاد تفقد في نهاية الأمر كل الدلالات”.

باختصار، يعتقد إيكو بأن العنوان الناجح ينبغي أن يبلبل ذهن القارئ، لا أن ينير له الطريق.

يقول إيكو:
إن العنوان يجب أن يشوّش على الأفكار، لا أن يحوّلها إلى قوالب مسكوكة”.

حاشية على اسم الوردة، ترجمة: سعيد بنكراد .
 المصدر: تكوين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))