نشرنت شبكة “بي بي سي” الأمريكية،
تقريراً حول “ملاهي الكتب” في تايوان، مبينة أنه في حين تعلن الساعة منتصف الليل
في العاصمة التايوانية، يمضي بعض الناس إلى نوع من التسكع الليلي غير المألوف وهو
“متجر بيع الكتب”.
وأوضح التقرير
أن متجر “إسلايت” للكتب يفتح أبوابه على مدار الـ 24 ساعة، ويستقبل من زوار الليل
أكثر مما تحلم متاجر الكتب الغربية باستقباله في النهار.
ويجلس الكبار والشباب
جنباً إلى جنب على سلالم صغيرة أو يتحلقون حول مناضد للقراءة، في المتجر، منغمسين في
أعماق عوالم الأدب، ويقرأ الجميع في صمت، بينما موسيقى كلاسيكية خافتة تتردد من سماعات
منتشرة في شتى أرجاء المكان.
وأوضح التقرير
أن مجموعة إسلايت التي تمتلك ذلك المتجر ذا الطوابق الخمس، افتتحت فرعها في تايبي سنة
1989، وباتت المجموعة اليوم، بعد 25 عاماً، تدير 42 فرعاً في تايوان، وفرعاً في هونغ
كونغ، وتطمح إلى التوسع في الصين.
ويأتي صعود هذه
السلسلة المكتبية في الوقت الذي تعاني فيه متاجر الكتب في الولايات المتحدة وأوروبا
من أجل البقاء، وفي الوقت الذي اضطر فيه كثير من متاجر الكتب الغربية إلى الإغلاق في
ظل المنافسة مع أمازون.
ففي المملكة المتحدة،
أغلق واحد من كل ثلاثة متاجر الكتب أبوابه خلال العقد الماضي بحسب إحصاءات اتحاد متاجر
الكتب، وآخر سلاسل بيع الكتب الكبرى في الولايات المتحدة وهي “بارنز آند نوبل” تغلق
فروعها في ظل معاناة إدارتها، من مواجهة تحديات منافسيها الرقميين.
أما مجموعة إسلايت
فتوصلت إلى نهج لمواجهة ذلك الاتجاه، فجعلت من نفسها مكاناً للتصميم اللطيف والموضة
والمقاهي الصغيرة والمطاعم بقدر ما هي مخصصة للكتب، وأعلنت عن عائد وصل في 2013 إلى
425 مليون دولار، تمثل مبيعات الكتاب 40% منه، بحسب تصريح المتحدث باسم الشركة، ومن
المتوقع أن تزداد المبيعات بنسبة 8% خلال العام الحالي.
هذا المزيج المؤلف
من الأدب والتصميم جعل من المتجر وجهة للمتنزهين، بقدر ما بقي يجتذب ديدان الكتب، وأتاح
للشركة أن تنتصر على تحديات العصر الرقمي.
ويقول المتحدث
باسم الشركة “إننا نعتقد أنه كلما ازدادت الرقمنة في المجتمع، كلما ازداد تقديرنا للتواصل
البشري، وهذه هي الفكرة الجوهرية التي تجعل تأثير تغيرات الصناعة لا يكاد يكون ملحوظاً
على إسلايت”.
وفي بعض الفروع،
تعرض الكتب والمنتجات الأخرى جنباً إلى جنب على طاولة واحدة، لكن فرع طريق دونهوا يتألف
من خمسة طوابق كل منها مخصص لفئات معينة، كالموضة، أو الموسيقى، أو الأطعمة، أو الفعاليات،
والطابق الأعلى ينفرد بالكتب.
وتتواجد على الإنترنت
الكثير من المراجعات التي تؤكد على جمال المكان، وصلاحيته التامة لالتقاط الفتيات أو
الفتيان، وإن لم يعترف أحد ممن قابلتهم بذلك.
كما بات المتجر
مقصداً جاذباً للسائحين الذين يزورون الجزيرة، فبعضهم يأتي من الصين بحثاً عن الكتب
التي يحظرها رقباء الحزب الشيوعي هناك، وتقول الشركة إن واحداً من كل أربعة زائرين
لتايوان يزور إسلايت.
غير أن إسلايت
تعرضت لانتقادات حادة بتهمة ممارسة رقابة ذاتية على أنشطتها، رغبة منها في دخول السوق
الصيني، ففي مطلع العام الحالي تردد أن الشركة أوقفت بيع كتب حساسة عن التبت وقضايا
حقوق الإنسان، في محاولة للتودد إلى السلطات الصينية، التي أعربت عن عدم ارتياحها إزاء
خطط الشركة للتوسع بفروع في شنغهاي وسوجو.
وأنكرت الشركة
كل تلك المزاعم، وعثرتُ شخصياً على كتب لكل من وانغ ليزيونغ وتسيرنغ ووزر، وكلاهما
كاتبان منشقان وكتبهما ممنوعة في الصين.
وليس من الواضح
أيضاً ما إذا كانت الشركة سوف تستطيع استنساخ نموذجها العامل على مدار الساعة خارج
تايوان، فالمتجر المقام في هونغ كونغ أعاد تغيير مواعيده بعد جولة قضائية استغرقت نحو
الشهر، لكنه لا يزال يعمل حتى الحادية عشرة مساء في أيام الأسبوع العادية وحتى منتصف
الليل في العطلة الأسبوعية.
قد يبدو نجاح إسلايت
غريباً، خاصة وأن زوار آخر الليل يعاملون المتجر معاملة المكتبة فيخرجون منه بعد ساعات
من القراءة بأيد خالية، لكن المتحدث باسم الشركة يزعم أن نشاطهم ناجح لقدرتهم على خلق
“بيئة صديقة” ولمعاملتهم “الكتب والزائرين بقدر عظيم من حسن الضيافة”، ولذلك فاستمرار
النجاح متوقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))