الجمعة، 1 يناير 2016

لماذا نحب هاروكي موراكامي ؟




باقتراب نهاية هذه السنة، وبداية السنة الجديدة 2016 أصدر المركز العربي الثقافية الجزء الأول من الرواية المنتظرة بشدة 1Q84، وبهذه المناسبة أيضا فكرت وعبر صفحة لمعجبي هاروكي موراكامي، أن أقوم بشبه استطلاع طرحت فيه على المعجبين السؤال التالي – وهو عنوان المقال – : لماذا نحب هاروكي موراكامي؟، اختلفت الاجابات وتنوعت وأكدت على شيء واحد، هو أن لهذا الكاتب الياباني الذي أصبح بفعل المصادفة روائيا خلال مباراة كرة قدم أمريكية، يمتلك سره الخاص ونَفسَه المميز في القص والحكي
.
كما أن موقع مقالة نشر من قبل مقالين مهمين عن هاروكي، بقلم الكاتب أحمد عفيفي لمطالعتها هنا:
نعود للإجابات الممتعة عن سؤالنا وقد تفاعل معنا أصدقاء الصفحة مشكورين، فقال عمار جبار كريم “أن أكثر ما يلفت الانتباه في روايات هاروكي أنه يتحدث عن عالم آخر باستخدام أدوات بسيطة وعادية تعطيها بعدا روحيا خاصا يجعلها متفردة بشكل إبداعي غير مسبوق، بينما قال الكاتب أحمد عفيفي، وهو كاتب وروائي “هاروكي – جعلني أحوّل مسار روايتي بالكامل – كمن يحول دفته من الشرق إلى الغرب – إن شئت الدقة – كمن يبحر إلى الشرق و الغرب بنفس الوقت – هي رواية قيد الكتابة- ولكني أشكره على تحويل دفتي – حيث يبدو أنني أنا الآخر لن أشبه سوى نفسي.”
وقالت مشيرة محمود، أن السؤال أصلا يبقى بلا إجابة، فلا جواب على سؤال ” لماذا تحب شيئاً”، ومن ناحية أخرى فإن اقتباسا معروفا لباولو كويليو يقول ( سبب الحب هو الحب، ولا سبب آخر يعنني أننا نحب لأننا نحب ولا سبب )، وواصلت مشيرة قائلة أنه يمكن بدل الاجابة عن سؤال لماذا نحب هاروكي أن تخبر القراء بالمميز فيه وهو أنه يحب القطط والموسيقى، وبدأ حياته بطريقة عكسية فتزوج ثم بدأ يعمل ثم انهى دراسته!، يمتاز بالبساطة والتعقيد في نفس الوقت!، شخصيات رواياته عادية للغاية لكن تفاصيلها ليست كذلك البتة، لديه نظرته الخاصة وأسلوبه الخاص حيث يمكن أن نسميه بأسلوب موراكامي بحت!، وأعتقد أنه دون أن يروي لنا ذلك فهذا الرجل مر بالعديد من المآسي والمصائب والكوراث ويظهر ذلك من خلال تفاصيل شخصياته ومجرىات الأحداث، وهو أيضا محب للطبيعة الخ..
وقال عماد شحاته عن هاروكي : ” ذلك الشخص العادي الذي يُشبهه الملايين، قصير القامة نوعاً ما قادر أن يأخذك في عوالمه يتحدث مرة عن الساكي ذاك الشراب الشعبي في اليابان كأنك تطير في شوارعها تفتقد الشمس تمشي في شوارع مليئة بالثلوح تُحلق في حدائقها وطبيعتها المختلفة، إلى أشياء تأخذ بداخلك أنت وتعيش أحداث رواياته وكأنك شخصية تتوزع بين الأدوار، السمات الثلاث لأدبه: الموسيقى – الشراب – الحب الواقعي، لم تتشرف نوبل بعد به”.
بينما أرسل لنا Nabil BenCh، فقرات من مقال بالفرنسية من تأليفه عن الموضوع يحكي فيه عن أحد روايات هاروكي موراكامي، ترجمة الفقرات لصالح موقع مقالة للعربية الكاتبة الهام مزيود مشكورةً : ” بداية وقبل كل شيء يتوجب عليّ الإشارة إلى أن هذه الرواية كانت نتيجة أول معرفة لي بهاروكي موراكامي من خلال رواية كافكا على الشاطئ.يوميات الطائر اللعبة…. هو نسيج حقيقي من الهذيان الذي يورطنا بسهولة في خيوطه الرفيعة.. هو دعوة للهروب داخل متاهة العقل دون الوصول إلى مخرج مع شخصياته.يزج بنا هاروكي تارة في سباق محموم نحو البحث والتقصي وتارة يلتمس لنا الطريق بحثا عن الحلقة المفقودة من الأحجية التي غيبها الظلام بهدوء.
يحتل الخيال حيزا كبيرا ويشيّد بسحره الزاوية التي تربط أحداث الرواية وتدفع بها حتى النهاية. أما فيما يتعلق بالسرد فهو بدون شك مركب بطريقة لا مثيل لها.مع قالب الرواية الذي يبني بداية البروز (قصة طورو أوكادا) هناك عُدّة من قصص قصيرة ( ماميا، كريثا ومالطا كانو، مي هازارا) التي تشكل بدورها علاقة سردية تكافئية غنية.شخصيات هذه الرواية مثل باقي الشخصيات في روايات هاروكي موراكامي الأخرى يؤثرون ويتأثرون بسحر خاص، شخصيات متآمرة تأخذنا بشكل غير مألوف إلى العالم الحقيقي.
من خلال المغزى الذي سبق، يمكنني القول بأن القراءة لهاروكي موراكامي أعادتني غصبا عني إلى عالم دوستويفسكي من خلال العمق النفسي للشخصيات.هاروكي وهبنا عالما بدون رأس ولا ذيل أين المعنى واللامعنى يدفعان إلى الأبد، أين تزاوج الحقيقة والخيال، عالم الضياع والبحث عن الهوية الوجودية.وأخيرا بالنظر إلى ثراء هذه الرواية وعمقها وأيضا حجمها الكبير أستطيع أن أرشحها لأن تكون كأوديسا.
ملاحظة/ بالنسبة للقراء الذين يودّون القراءة لأول مرة لهذا الكاتب، رجاءً لا تتعبوا أنفسكم في البحث عن توضيحات وتفسيرات منطقية لأحداث الرواية. ” اهـ.
بينما تواصل مشيرة محمود ذاكرةً خصائص مهمة في أسلوب هاروكي موراكامي في الكتابة، ” خيال هاروكي غير محدودة، وتفاصيل واقعه شديدة التدقيق، وعميقة للغاية، ففي وصفه للشخصية يمكن أن يصف نوع القميص والكوتشي، والسجائر وتاريخه التفاصيلي هل دخل للجيش أم لا!!، فمثلا خذ رواية جنوب الحدود فأنت تحس أن هاروكي يتحدث عن نفسه، لأن أحداثها تشبه سيرة حياته، إلا أنك تعرف صدقه ودقة الوصف، مما جعلني أتمنى أن أزور اليابان للبحث عن فندق الدلفين الذي في رواية رقص، لقد اذهلني هاروكي تماماً، وقضية تحليل الروايات لا أحبها، لأنه لا فائدة من ورائها والمسألة مسألة ذوق ويشبه الأمر أن تحاول تحليل لوحة الموناليزا، و هذا غير ممكن فإما أن تحبها وإما أن لا، وهذه هي حالة هاروكي موراكامي.”
وتضيف هداية أبو رية للنقاش: ” هاروكي بالتأكيد هو كاتبي المفضل ..و كتبه في الغالب تتعدى الـ ٥٠٠ صفحه لكنها مشوقة، وهذا في الغالب يخلق علاقه لاتنسى بينك وبين الكتاب لأنه سيبقى معك فترةً طويلة و لاتود إنهائه…لديه قذرة واسعة على الخيال وكتاباته لاتخلو من الفانتازيا والأمور الميتافيزيقيه يدمجها مع أحداث واقعية لوهلة أحيانا لاتعرف هل أنت داخل حلم أم أنك في غرفتك تقرأ احدى روايات هاروكي! …بالإضافة إلى المفردات السهلة العميقة التي يتحدث بها في روايته ،تسلسل الأحداث السلس المشوق،شخصيات الرواية وتنوعها هي قريبة من القلب ونتعاطف معها وأحيانا لديها قدرات خارقة كما في رواية كافكا على الشاطيء و رواية رقص…باختصار هاروكي يأخذنا إلى عوالم خفية نود اكتشافها…”

وتقول أحد معجبات الصفحة أريج الورد: ” أحب الغموض والتشويق في قصصه ، و الطريقة التي تجعلك مشدودا للرواية لآخرها دون ممل ، السرد الغامض تركيزه على أدق التفاصيل حتى الشخصيات الصغيرة منها كانت محور اهتمامه ، التحولات التي بقصصه مثيبرة للاهتمام ،حتى لو كان موضوع رواياته بسيطا فهي تجعلك مشدودا لها كما كان الحال في رواية نعاس لم أنتبه إلا حين وجدتها انتهت مع أنها كانت نهاية غامضة لكنها كانت جميلة، روايته المميزة طبعا كافكا على الشاطيء المراوحة بين الشخصيات والربط بينها كان مدهشا ” بينما قال رابح شنوفي “يا أخي البساطة عند هاروكي عنوان للقصة لكن يربطها بقدرته الشخصية في نسج عالم خيالي تفوح منه الواقعية البسيطة التي نعيشها ..” وأضاف محمد راضي ” لأن موراكامي شفاف، شفاف جدا وهذا ما يعجبني و يحيرني أيضاً.”

مترجمين أحبهم القراء :
كان شبه اجماع على أن ايمان رزق الله هي المترجمة الأفضل لهاروكي موراكامي، لكن أعتقد ذلك لأنها ترجمت رواية كافكا على الشاطيء والتي حازت على اعجاب الكثير من القراء الذين لم يطالعوا كثيرا من أعماله الأخرى وجدير بالذكر أن نقول أن مترجمي هاروكي، من القصة القصيرة والمقالة الى الروايات الضخمة كثر ولا يمكن حصرهم ونذكر منهم : ايمان رزق الله، رمزي بن رحومة، صلاح صلاح، أحمد شافعي، سعيد الغانمي، محمود حسني، أماني لازار، يونس بن عمارة، جهان سمرقند، أنور الشامي.. وغيرهم.

اقتباسات أحبها القراء :
منها:
·       إن تذكرتني أنت – فلا يهمني إن نسيني العالم – كافكا على الشاطيء.
·       ولحظة انتهاء العاصفة ، لن تتذكر كيف نجوت منها ، لن تتذكر كيف تدبرت أمرك لتنجو ، ولن تدرك هل انتهت العاصفة أم لا . ستكون متيقنا من أمر واحد فقط : حين تخرج من العاصفة ، لن تعود الشخص نفسه الذي دخلها ، ولهذا السبب وحده ، كانت العاصفة “. وهنا يمكنك أن تستمع لأداء صوتي جميل للغاية لهذا المقطع : هنا على الساوند كلاود.
·       أنا أحب غريبي الأطوار… أما الأشخاص العاديينالذين يعيشون بطريقة عادية فهم الذين يجب أن تحترس منهم
·       هناك أشياء كثيرة لا نستطيع أن نراها بوضوح إلا بعد زمن .

عودة إلى اجابات القراء :

تقول ‏Eman Jp‏: “بالنسبة لي، أنا أحب كل روايات موراكامي لكن أكثر  واحدة فيهم أحبها هي رواية الغابة النرويجية ، عنده احساس عالي في وصف المشاعر و المشاهد لدرجة أنك تصدق الشخصيات و كأنك واحد من الشخصيات و أيضا رواية رقص رقص رقص،  إنه انسان مبدع، و لديه عالم خاص به و الشكر له لاشراكنا في عوالمه الجميلة و الساحرة و أتمنى لو ألتقي به

ونختم بقول ريم الإبراهيم عن مميزات هاروكي الروائية : “أولا دمجه الخيال بالواقع ، وثانيا كم المعلومات التي يكتبها بين السطور عن الحروب العالمية أو عن شخصيات هامة أو أشياء لم أكن أعلم هذا الكم من التفاصيل عنها ، وثالثا ادراجه الكثير من الشخصيات داخل الرواية ولا يكتفي بالتركيز على البطل أو البطلة فقط بل كم هائل من البشر مختلفي الشخصيات والتفكير والحياة والظروف “.

أجدد شكري لكن من ساهم في كتابة هذا المقال المجمع من آرائكم وخبرتكم حول روايات وكتابات الكاتب العالمي هاروكي موراكامي وأتمنى لكم سنة سعيدة جديدة و تمنياتي بالتوفيق في كل ما تودونه. وأن ينهي الكثير منكم جميع رواياته قراءةً في العام المقبل ان شاء الله وأن يترجم العرب المزيد له حتى نكمل له الأعمال الكاملة ولم لا .
المصدر: مقالة
بقلم: يونس بن عمارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))