1- تعبيرات
ساحرة
“كنت
سعيداً كدودة في مقبرة جماعية” هذا التشيبه كتبه أحمد خالد توفيق، أو للدقة
هذا التشبيه أول من كتب مثله أحمد خالد توفيق.
أكثر ما جذبني للقراءة له استخدامه تعبيرات مدهشة، فبهذه
التشبيهات شديدة الغرابة نجح، حتى إن كل كاتب يستخدم تشبيهاً مختلفاً عن أكليشيهات
الساحرة المستديرة والمستطيل الأخضر، أصبح متهماً بتقليد الرجل.
ما ذنب جيلنا؟ كلنا قرأنا له وهو مدهش.
2- البداية
أحمد خالد توفيق من مواليد طنطا في 10 يونيو 1962، خريج
كلية طب طنطا عام 1985، قبل أن يحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة عام
1997.
الطبيب والروائي العربي الأشهر في مجال قصص الرعب بدأ العمل
في المؤسسة العربية الحديثة عام 1992، كاتباً لسلسلة ما وراء الطبيعة، حيث
تقدم بأولى رواياته أسطورة مصاص الدماء، لكنها لم تلقَ في البدء قبولاً في
دار النشر.
لماذا؟ لأن لجنة القراءة رأت أن الأسلوب ركيك، ومفكك،
وتنقصه الحبكة الروائية، بالإضافة إلى غموض فكرة الرواية.
عاود المحاولة ثانية، ومن حسن حظنا أنه عاود المحاولة ثانية.
3- لقاؤنا الأول
في 1993 اشتريت أول رواية من سلسلة ما وراء الطبيعة مصاص
الدماء وأسطورة الرجل الذئب، كان عمري لحظتها 12 عاماً، وأتابع بشغف أي إصدار من
روايات الجيب، شعار السلسلة الجديدة كان روايات تحبس الأنفاس من فرط الغموض والرعب
والإثارة، انبهرت بالرواية الأولى فالعجوز، رفعت إسماعيل شخصية فريدة، أصلع، معتل
الصحة، ضعيف القلب، يرتدي بدلة كحلية يعتقد أنها تجعله فاتناً مدخن، أقرب للجبن،
يتوقع أموراً يثبت كثيراً أنها خاطئة، ويصف نفسه دوماً بأنه ساذج، ساذج، ساذج”.
تضعه الحياة دائماً في قصص غريبة؛ بعضها حدث مع أصدقائه أو
مستمعي برنامجه الإذاعي: بعد منتصف الليل.
منذ قرأت روايته الأولى، التزمت بمتابعة كل ما كتبه
طوال 20 عاماً في هذه السلسلة، وأحياناً لا تروق لي القصة، أحياناً لا تجد حبكة
أصلاً، لكن دوماً كانت الكتابة مسلية.
باقي سلاسل روايات الجيب توقفت عن قراءتها منذ 15 عاماً
كاملة بعدما توقف أدهم صبري عن إقناعي بقدرته على ضرب أربعة أفراد في اللحظة نفسها
بأطرافه الأربعة، الأمر صعب على الاستيعاب قليلاً.
4- رفعت إسماعيل
“أريد
شخصاً لحمه من لحمنا ورائحته من رائحتنا ويعرق وهكذا، الآن أرى أن الشخصية فيها
أخطاء قاتلة؛ لا أستطيع أن أحذف من شخصيته الملل، لكن أستطيع أن أخبرك أني سأحذف
موضوع الإفراط في السجائر، وجدت ناساً بعد ذلك تدخن ويقولون إنهم يفعلون ذلك لأنهم
يحبون رفعت إسماعيل، لم أدّعِ أنني مصلح اجتماعي، ولكنني لست مفسد اجتماعي”.
أحمد خالد توفيق متحدثاً عن شخصية رفعت إسماعيل.
5- فانتازيا
اتجه أحمد خالد توفيق للروايات الاجتماعية، خطوة موفقة،
ولكني أحب روايات فانتازيا وبطلتها عبير عبد الرحمن أكثر.
عبير، فتاة مصرية تتميز بأنها لا تتميز بأي شيء، فهي فقيرة،
محدودة الجمال، لكنها تقرأ بنهم، وغالب قراءاتها من الروايات والقصص، حتى قابلت شريف
المهندس الشاب الذي توصل لاختراع جهاز يتم توصيله بمخ الإنسان، فيأخذ من خبراته
وتجاربه وتخيلاته معلومات عشوائية ويحولها إلى قصة مترابطة تعيشها عبير.
حدود تلك الرحلات هي حدود قراءات عبير نفسها، هانيبال وسوبر
مان وسيبويه وأدهم صبري ورفعت إسماعيل.
وأتاحت هذه السلسلة لخالد توفيق السخرية من إصدارات مؤسسته
بل ومن نفسه وسلسلته الأشهر ما وراء الطبيعة.
6- المرة الأولى
التقيته مرة واحدة، كنا وسط حشد هائل من كتاب
أحبهم، لكنه الوحيد الذي حرصت على التصوير معه.
صافحته بحرارة قلت له بفرحة طفولية:
ــ أنت أكتر واحد قريت له في حياتي يا دكتور.
ــ ما أنا كتبت كتير يا أحمد.
كلما أثنيت عليه كلما تهرب للحديث عني أو عن الشأن العام،
وكلما حدثته عن تأثيره فينا كلما تحدث عن الكتابة عموماً.
مازال يعيش في طنطا، عرضت عليه استضافته في برنامج تلفزيوني
أعده فاعتذر بأدب لأنه لا يحب التواجد الإعلامي المكثف.
صاحب أشهر اسم ثلاثي يكتب مقال أسبوعي حالياً، يتعرض خلاله
للأحداث الواقعة، من القلائل الذين مازالت اقرأ مقالاتهم في الصحف، أختلف أحياناً مع
أرائه المحافظة قليلاً، لكني أقدر له أنه لم يتورط في هستيريا العنف والقمع
والبذاءات التي انفجرت فينا.
في صغري كنت أحب كتابة أحمد خالد توفيق، الآن أحب أحمد خالد
توفيق.
المصدر: موقع
كسرة
بقلم: أحمد سمير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))