في تذكر الأشياء-مارسيل بروست.
لا تزال لهذا الكتاب الكلمة الفصل في أدب الرائحة. ليس فقط لاشتماله
على مجموعة كبيرة من الروائح المميزة (الزعرور المزهر، البنزين، عطر امرأة جميلة)،
لكن لأنه يبرهن بقوة أيضاً على أن حاسة الشم هي الحاسة الأكثر بروزاً وإثارة للذكريات
من بين باقي الحواس: ” لما كان لا شيء يدوم من الماضي البعيد، بعد موت البشر، بعد تحطم
الأشياء وتبددها، تظل حاستا التذوق والشم وحدهما، أكثر هشاشة لكن أكثر ثباتاً، الأكثر
روحانية، الأكثر ديمومة، الأكثر إخلاصاً، صامدتين لوقت طويل، كالأرواح.” لا تخيفنَّك
ضخامة كتاب بروست: ابدأ بالمجلد الأول وسوف تمضي قدماً.
فلاش -فرجينيا وولف.
تهيمن الرائحة على السيرة التي كتبتها وولف عن كلب-“السبنيلي”-اليزابيت
باريت براونينج. بالنسبة لفلاش، ” الحب قبل كل شيء هو رائحة، الشكل واللون رائحة.
..إن وصف تجربته المعتادة مع شريحة اللحم اليومية أو البسكويت يفوق قدرتنا.” مع ذلك،
بذلت أفضل ما بوسعها لوصف روائح لندن وفلورنسا، البشر والكلاب، وفلاش تحفة أدبية فيما
يخص حاسة الشم.
العطر-باتريك زوسكيند.
سوف لن تكون هذه القائمة مكتملة دون رواية العطر، وهي قطعة كلاسيكية
عن الكتابة المختصة بالرائحة. إن زوسكيند عميد النثر الشمي وتتضمن هذه الرواية بعض
صور تتميز ببراعة فائقة عن الروائح الكريهة التي كانت تفوح في فرنسا في القرن الثامن
عشر وعن الشذا الاستثنائي للفتاة الجميلة التي يمثل عطرها ” قطعة من حرير رقيق لماع”
متحد مع ” فطيرة مغموسة في حليب محلى بالعسل.” كان اسم زوسكيند في كل مكان لحظة إطلاق
فيلم تيم تيكور، الذي لم يرتق لمستوى الرواية تماماً للأسف، في قدرتها على استحضار
الرائحة، لذا اقرأ الكتاب قبل مشاهدته.
سر الرائحة -لوكا تورين.
عالم، هاوٍ للعطور، كاتب، وله أنف استثنائي، لوكا تورين واحد
من أكثر كتاب الرائحة إثارة في أيامنا هذه. لقد أثار عاصفة في عالم العطور بدليله العطري،
parfum، المكتوب عام 1992 أثناء استراحة قصيرة من المتابعات العلمية. هذا
يقرأ حال الانتهاء من التذكر البروستي للعطور: عطر
Nombre Noir ” في منتصف المسافة بين الورد والبنفسج”، ” يلتمع
بطراوة سائلة جعلت ألوانه تتوهج مثل نافذة زجاجية ملونة”. يتضمن كتابه الجديد، سر الرائحة،
بعض التوصيفات الغنائية للعطر وهو أيضاً كتابة علمية جريئة. إنه يلغي متمرداً المفهوم
المقبول على نطاق واسع عن أن رائحة الجزيء تعتمد فقط على شكله، مؤكداً بدلاً من ذلك
على أن التذبذبات ضمن الجزيء تلعب دوراً حاسماً.
الطريق إلى ويجان بير -جورج أورويل.
كان معروفاً عن جورج أورويل وهو الكاتب التوثيقي الاشتراكي الصريح،
تعطشه للروائح. كنت لأختار أياً من كتبه هنا: كل واحد منها فيه على الأقل وصف مثير
للرائحة الطيبة أو للرائحة الكريهة. اخترت ويجان بير بسبب وصفه البارز لرائحة الأحياء
العشوائية، وتصديه الجريء للطبقة الوسطى البريطانية التي تعتقد، على حد زعمه، أنها
رائحة الطبقة الكادحة.
خبز محمَّص –نايجل سليتر.
سيرة سليتر الأخيرة هي أمر لابد منه لعشاق الكتب المتعلقة بحاسة
الشم. لا شك أن الطعام والرائحة رفيقان بالفطرة، وهما يتخللان ذكريات طفولة سليتر.
رائحة الخبز والزبدة في حلوى البودينغ، رائحة البرتقال وكبش القرنفل وبول عمته فانتي
جميعها مستقصاة بمحبة عبر أنفه الحساس.
مشاكل-أرسطو.
في كتاب أرسطو عن المعضلات فصلان عن الرائحة: فصل عن المسائل
المتعلقة بالروائح الكريهة، وواحد عن تلك المتعلقة بالروائح الطيبة. مع أن الكتاب تم
تأليفه في القرن الرابع قبل الميلاد، إلا أن المشاكل مدهشة بحداثتها، تذكرنا كيف أن
الروائح تربطنا بأسلافنا القدماء.” لماذا،” يسأل أرسطو،” هل الإبط هو أكثر المناطق
التي تفوح منها رائحة كريهة؟ هل هذا لأن قدراً أقل من الهواء يصل إليه؟ لماذا تصبح
رائحة البول أكثر سوءاً كلما طالت مدة بقائه في الجسد، في حين أن رائحة الروث تصبح
أقل رداءة في نفس الحالة؟”
أزهار الشر-بودلير.
”
عندما تعوم عقول الآخرين في الموسيقى،” كتب بودلير في الغيبوبة”
يسبح عقلي في عطرك.” كانت الحسية طاغية على شعر بودلير وهذه المجموعة متبَّلة بأنشودة
تسبيح للرائحة. هو يمجد روائح ” الوعود، العطور،
القبل الخالدة” في “الشرفة” والرائحة الشذية تصدر عن فراء قطة شقراء وبنية اللون في
” القطة”. حسناً إنه يستحق القراءة.
الحانة-إميل زولا.
كما جورج أورويل، يمكنني أن أختار أياً من كتب زولا هنا. في
رواية نانا بعض الصور الرائعة عن الروائح العطرية لـ” جنون اللحم” الذي اجتاح باريس
في مساء ماطر، عندما “زفرت المدينة المبللة رائحة كريهة تذكر بسرير مهمل”. تصور “غلطة
القس موريه” رجلاً يبكي على رائحة الزهور في يدي محبوبته. أختار “الحانة” لأن زولا
يستعمل في هذ الرواية الرائحة في الحبكة والشخصية كما يستعملها في الوصف. رائحة الغسيل
القذر الكريهة عفنة ومسكرة بالنسبة لكل من كليمنص وحبيبها، والإشارة الأولى للتدهور
بطيء لحياتهما المشتركة تقع عندما يصاب كلاً منهما بالخدر الناجم عن الأبخرة القوية
الصادرة عن الغسيل.
الكريه والعطر: الرائحة في المخيلة الاجتماعية الفرنسية لـ آلان
كوربين.
وفر كتاب كوربين لزوسكيند الكثير من الأبحاث عن العطر، وهو تقرير
شامل عن المسالخ كريهة الرائحة، المجارير، المستنقعات، الجثث وسجناء القرن الثامن عشر
في فرنسا، أيضا للأمراض الشائعة والمبادرات لفعل شيء بشأنها. هو أيضاً يتناول تغير
المواقف نحو الروائح المختلفة بمرور الزمن، وهناك شذرات آسرة خالدة عن تفاصيل الرائحة.
وفقا لكوربين، كان يعتقد في القرن الثامن عشر أنَّ للذكر والأنثى رائحة دم مختلفة وأن
دم الحيض مكن الأمهات من ملاحظة وظائف أعضاء بناتهن، في حين أن مني الرجل شكل جوهر
الحياة. يا للروعة!
لارا فايجل هي مدرسة الأدب الإنكليزي في جامعة ساسكس ومؤلفة
كتاب باقة زهر صغيرة: رحلة أدبية من العَطِر إلى الكريه (منشورات أولد ستريت). تختار
هنا ما تفضله من الكتابات عن موضوع الرائحة، والتي ظهرت جميعها في كتابها.
المصدر: مدونة
الأماني
ترجمة: أماني لازار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))