أريد أن أتحدث قليلًا عن لماذا وكيف أصبحت كاتبًا.
في البدء، اعتراف: منذ كنت صغيرًا، حاولت أن أكون لاعب كرة قدم.
لا زلت اللاعب رقم واحد، أفضل الأفضل، ولكن فقط خلال أحلامي. بمجرد أن أستيقظ، أقر
بأن لدي ساقين متخشبتين، وأن لاخيار آخر لي سوى محاولة أن أكون كاتبًا.
حاولت، ومازلت أحاول، أن أقول الكثير بكلمات أقل. أن أبحث عن
الكلمات المجردة على حساب البلاغة. كانت الكتابة ولاتزال صعبة، لكنها في غالب الأحيان
تعطيني شعورًا عميقُا ومتعة كبيرة، بعيدًا عن العزلة والنسيان.
حاولت، وأحاول أن أكون ماهرًا بما يكفي لأتعلم الطيران في الظلام.
حاولت، وأحاول أن أتقيأ كل ذلك الكذب الذي نتجرعه كل يوم ونحن مجبرون. وحاولت، وأحاول
أن أكون عصيًا، تجاه الأوامر التي يصدرها سادة العالم، والتي هي ضد ضمائرنا، وضد المنطق
السليم.
حاولت، وأنا أحاول أن أفترض أنني لايمكن أن أكون محايدًا، وألا
أكون هدفًا لأنني لاأريد ذلك، فذلك ضد الرغبة البشرية.
حاولت، وأنا أحاول أن أشجب المثل القديم “الإنسان ذئب أخيه”.
هذا كذب. الذئاب لاتقتل بعضها، نحن المخلوقات الوحيدة الذين تتخصص في قتل بعضها البعض.
حاولت، وأنا أحاول من خلال الكتابة أن أجد أولئك الرجال والنساء
الذين يرغبون بالعدالة والجمال. هؤلاء هم أبناء عالمي، وممن يعيشون فيه، بغض النظر
عن مكان مولدهم أو كيف عاشوا، وبغض النظر عن حدود الزمان.
حاولت، ومازلت أحاول أن أعاند بما يكفي، لأعتقد بأنه على الرغم
من أن الإنسان جُبل سيئًا، إلا أننا ناقصون.
حاولت، وآمل، وسأظل أحاول أن أختار الجانب الأيمن، والذي يكون
دائمًا في الجانب الأيسر، لأجل قتالي الساخط الأبدي ضد الإهانة.
حاولت، وأحاول. وصدقوني، الأمر يستحق. لربما نستطيع أن نغير الجملة الشهيرة، التي كتبها
صديقي ويليام شكسبير:
نعم، الحياة حكاية رواها غبي
مملوءة صخبًا وعنفًا، وتبين.. كل شيء!
*
ألقى غاليانو هذا الخطاب بتاريخ 9 مايو 2013 أثناء تسلمه جائزة
مركز هيفن للعلوم الاجتماعية في ويسكونسن، الولايات المتحدة. وكانت الجائزة نظير نتاجه
الأدبي.
المصدر: تكوين
ترجمة: راضي النماصي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))