السبت، 15 أغسطس 2015

أكثر التعليقات حماقة على الأفلام: ما هي رسالتها؟



 

حتماً ستوافقني حينما أقول أن “تايتنك” لايزال أيقونة للسينما الأمريكية حتى بعد مرور 18 عاماً على عرضه. لكن قد نختلف حول أسباب هذا؛ شخصياً لي وجهة نظر خاصة حيث أجد جيمس كاميرون لا يكترث تماماً لأمر شاب وسيم متيم بفتاة نبيلة على ظهر مركب عملاق، بل الأمر يتخطى ذلك بكثير. 
فربما لا تعلم  أن كاميرون في شبابه كان متيماً بالفيزياء والكتابة معاً، وأنه منذ ثلاث سنوات قام بمغامرة لا تقل إبهاراً عن أفلامه، حيث هبط في قاع المحيط 10,898 متراً بالغاً بذلك أعمق منطقة على سطح الأرض ليكون بذلك أول من يفعلها. ببساطة كان لديه شغف علمي لم ينجح فقط في إشباعه، بل صنع منه مادة فنية أبكت وأمتعت الملايين. وقد فعلها بواسطة مزج ما يحتاجه الجمهور بما يؤرق مضجعه هو فخرج بهذا المحتوى المُحير. أتخيل أنه كان يذرع غرفته جيئة وذهاباً بعد أن سأله المنتج عمن سيهتم بكيف غرقت التايتنك، حتى اتسعت عيناه وصاح “وجدتها، ماذا عن قصة حب تراجيدية من الدرجة الأولى؟”.



ننتقل إلى شاكلة  أخرى وهي مدرسة كونتين تارنتينو . ليس هناك فيلم لهذا الدموي إلا وتجده يحقق أصعب معادلة في عالم السينما ألا وهي إرضاء المشاهد والناقد في آن واحد. وربما تحقق هذا بصورة كبيرة في تحفته التي لن تتكرر “أوغاد مجهولون” ويأتي بعدها في المرتبة الثانية “جانغو” الذي نال عنه أوسكار أحسن سيناريو أصلي.  وبشكل عام إذا دققت النظر  في نصوصه مع إنها محكمة البناء والشخصيات إلا أنها خالية من أي تعقيد. أقصد أن الأمر لا يعادل مثلاً صعوبة ثلاثية مملكة الخواتم أو العطر. وأعتقد أنه لو منحنا هذا النص لمخرج آخر لن يخرجه بهذا الاتقان. ذلك لأن تارنتينو يملك أدواته الخاصة من زوايا الكاميرا إلى الموسيقى ذات التوقيت الدقيق إلى الممثلين المناسبين وأخيراً الحوار الذي أراه يتفوق على أفلام وودي آلن.

آلن مثلاً لا يعتمد هو الآخر على قصة ممتلئة، بل فكرة مريبة يقف لها شعرك وحوار لا تعرف أي ملائكة كتبته. لن يبهرك تكنيك ما أو تكوين جديد، بل جمل يعج بها الفيس بوك.

يأتي دور أهم اتجاه سينمائي في هذا المقال، والذي يتلخص في جملة “الفيلم ده مناظر”. وهذه النوعية لا تعتمد بالمرة على القصة، وإن كان هذا لا يعني خلوها منها تماماً. لكنها أفلام تميل إلى تفوق العنصر البصري على الورقي. الأمر الذي لا يقلل من العمل على الإطلاق بل يمنحه رونقه الخاص. وأحسن مثال أقدمه دوماً هو فيلم NINE الغنائي الذي طرح نموذجاً ساحراً لسينما الصورة والاستعراض بمنأى عن أي قوة للكلمات.



لماذا طرحت كل هذه الحالات المختلفة؟.

إذا سنحت لك الفرصة وذهبت في أي مرة في لمشاهدة فيلم ما بحضور فريق عمله فأعلم جيداً أن سؤالك عن رسالة الفيلم هو فعل أحمق سيمتعض على إثره المخرج وفي أحسن الأحوال ستعلو وجهه ابتسامة صفراء. تتساءل الآن ما الجرم الذي ارتكبته؟. عزيزي المثقف إن كنت تريد حقاً التشبث بهذا الفن هو أو غيره؛ الأدب على سبيل المثال، فانزع من رأسك فكرة أن العمل الإبداعي صُمم كي يلقنك درساً، فأنت لست بمدرسة. صدقني، الفنان الحقيقي لا يفكر على هذا النحو، لا يجلس مع نفسه ويجهد تفكيره كي يتوصل إلى القيمة التي سيلقّحك بها هذه المرة. ولا يحدث هذا إلا بسينما الشباك فتجد مثلاً القيمة العظيمة في حب العائلة أو الصداقة أو الانتقام أو العلاقة الزوجية التي ستتغلب في النهاية على أية معوقات. أما المخرجين الذين ذكرتهم وكثيرون غيرهم لا يعبأون كثيراً بأي شريحة سينالوا إعجابها، لكنهم حتماً سيتضايقون إذا سألتهم عما أرادوا قوله.

لأنهم ببساطة لا يريدون أن يقولوا شيئاً.
المصدر: قُل
بقلم مارك أمجد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))